حياة طيبة

كان الضوء فَزِعًا. ضوء المقهى الحميمي الأصفر ذاك. كان يرتد في هلع عن القدح و الصحن و ساعتي المتوقفة منذ سنة المستلقية في دَعة بجوار هاتفي المحمول و يقع على جلدي البارد فأجد له وقع بلل غريب. عيناي زائغتان ترقبان المنضدة في شرود، و عيناه متعبتان.. متعبتان للغاية.

يداعبني “لقد كان هذا عامًا طويلًا، أليس كذلك؟”

أنظر إليه طويلًا و اتساءل.. هل سنذكره حقًا؟ على طوله و ما حدث به.. هل سنذكر كل شيء؟ لا أظن.. أظنه سينصهر مع 2015. لم أعد أدري في أي عام نحن. تمنينا أن يعود بنا الزمن إلى 2011 حين بدأ كل خطأ … حين كنا نذكر كل عام بما حدث فيه. منذ ذلك الحين أصبح كل شيء ضبابيًا… لحمة واحدة من الكينونة التي لا أول لها ولا آخر ولا وسط. موجودون كالسحاب… كالسحاب تمامًا… نظن أننا نرى كل شيء بعين الطائر و أن لدينا من الوعي ما ليس لأحد.. لكننا لسنا بعيدون حقًا، ولا نملك من أمرنا شيئًا بالكلية… مشتتون… و بلا وزن تقريبًا.

و لكنها حياة طيبة.

إننا نعي اليوم أن الجميع يتساقط باضطراد.. و نتلفت يوميًا لنشاهدهم واحدًا تلو الآخر كالسحاب… نستمر في التحليق المُثقل و مدافعة الأيام بأيدِ واهنة متقرحة القبضات و الطفو الشارد فوق ما يحدث لنا

لإنه لا يوجد لدينا ما نشكو منه

لإنها حقًا حياة طيبة.

أضف تعليق